قرأتُ فيما قرأت هذا الأسبوع مقالاً للشاعر الكبير أنسي الحاج يقول فيه: "لو أدركت المرأة كيف ينظر إليها الرجل لما طالبت بالمساواة بل لاجتهدت للمحافظة على الفرق وإغنائه".

يذهلني كيف يمكن كتّاباً من طينة أنسي الحاج وبذكائه ووسعة معرفته ونفاذ بصيرته، أن يستمروا في الخلط بين المساواة وكليشيه "التشبّه" الذي يستدعي الحديث عن فرق.

لمطلوب مساواة في الحقوق أيها الأساتذة، أي بالعربي المشبرح: "يسوانا ما يسوا غيرنا". صدّقوني، لا تحلم النساء بأن يصبحن رجالاً (معظمهن على الأقل). والإمعان في الخلط (أكان مقصوداً أم "بريئاً") بين المفهومين لدى بعض مَن هم في موقع مسؤوليةٍ، أي في موقع مسموع ومقروء ومحترم، يؤدي إلى سوء فهم مؤذٍ، إذ انه يقنع شريحة من النساء بأن التوق إلى المساواة "عيب" وفيه انتقاص من أنوثتهنّ، ويقنع شريحة من الرجال الذكوريين بالثبات على مواقفهم التمييزية التي تؤيد حرمان النساء التحول إلى مواطنات كاملات في ظل القانون.

لو أدرك الرجل الذكوري كيف تنظر إليه المرأة الذكية الواثقة من أنوثتها، لسعى "بيديه ورجليه" إلى تحقيق المساواة لها ومعها وإلى جانبها. فـ"الفرق" الغامض بين الجنسين الذي يسحر الرجل، لا قيمة له إلا لدى هذه الذكية الواثقة من أنوثتها، أي المعتزة بها والعارفة قيمتها والرافضة إهانتها. أما الأنوثة "بالمصادفة"، مصادفة الثديين والفَرج وإلى ما هنالك من تأثيرات التكوين البيولوجي والسلوكيات الملقَّنة والمنمّطة، فلا فضل لصاحبتها فيها، ولا فخر للرجل "المذهول" أن ينذهل أمامها.

ذلك هو الفرق العظيم الذي يستحق الحماية والإغناء، أما الباقي فوهمٌ فقيرٌ ومُفقِرٌ "في قلب الشاعر".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com