مذ شكلت حكومة إيهود اولمرت لجنة غولدبيرغ عام 2007 لتهويد ومصادرة اراضي الفلسطينيين العرب في منطقة النقب، التي تقدر مساحتها ثمانمائة الف دونم، والجماهير الفلسطينية في النقب والجليل والمثلث وقياداتها الوطنية بالتعاون مع القوى الديمقراطية الاسرائيلية (اليهودية) وهي تلاحق القيادات الاسرائيلية التنفيذية في حكومة نتنياهو ونواب الكنيست في الائتلاف الحكومي المتطرف لاسقاط مشروع "برافر / بيغن" المستند الى توصيات لجنة غولد بيرغ.

اليوم الاثنين ال 15 من تموز / يوليو ستشهد المدن والقرى والبلدات الفلسطينية في داخل الداخل إضرابات ومسيرات تعبيرا عن رفضها للمخطط الاسرائيلي العنصري، الهادف لمصادرة اراضي العرب البدو في النقب، وتدمير (45) قرية وطرد سكانها ، الذين يقدر عددهم ما بين ثلاثين واربعين الفا من المواطنين العرب، وهم جزء من إجمالي سكان النقب العرب، الذين يقدر عددهم (250) الف عربي.

المخطط الصهيوني العنصري يستهدف توطين (300) الف إسرائيلي في إحدى عشر مستوطنة بالاضافة الى نقل مقرات الجيش الاسرائيلي للمنطقة، وكذلك إقامة مزارع فردية للعائلات اليهودية بتخصيص خمسة الاف دونم لكل عائلة ترغب بالمشاركة في تنفيذ المخطط الاستعماري (حتى الان اقيم( 70) مزرعة ) على حساب ومكان العرب الفلسطينيين باسم "تطوير" النقب. ووفق الخطة الاسرائيلية مقدر ان ينتهي العمل بالمشروع العنصري عام 2018، ورصد لانجازه ستة مليارات دولاراميركي.

المخطط الجديد حلقة في سلسلة متواصلة من عمليات التطهير العرقية للفلسطينيين، وليس منفصلا عما بدأه المشروع الكولونيالي الصهيوني منذ إقامة إسرائيل عام النكبة الفلسطينية 1948. كما ان عرب النقب يواجهون صنوفا مختلفة من الممارسات العنصرية الاسرائيلية، فالعديد من القرى البدوية لم يتم الاعتراف بها ، ولم يتم إدخالها في التخطيط الهيكلي لمنطقة بئر السبع والنقب عموما. ويأتي المشروع الاستعماري الاجرامي الجديد ليميط اللثام مجددا عن الوجه البشع لدولة التطهير العرقي الاسرائيلية، التي مازالت ماضية في تعميق برنامجها الاستعماري على حساب ابناء الشعب الفلسطيني ، الذين تجذروا في ارض الاباء والاجداد، ورفضوا اللجوء الى الشتات، وواجهوا التحديات الصهيونية منذ اللحظة الاولى لتأسيس دولة العار والارهاب المنظم الاسرائيلية.

مخطط برافر / بيغن لحظة نوعية متقدمة في مخطط الترانسفير الصهيوني، الذي تقوده قوى التطرف والعنصرية الصهيونية، التي رفضت تاريخيا، ومازالت ترفض القبول بمبدأ التعايش والسلم المجتمعي، وواصلت مشوار التهويد والمصادرة للاراضي العربية تحت حجج وذرائع واهية لا تمت للحقيقة بصلة. وخطورة القانون الجديد ايضا تكمن في انه يدفع العرب دفعا نحو المواجهة مع اجهزة امن الدولة الاسرائيلية، واستدراجهم لمعارك معها كي تتمكن من تنفيذ مخطط الطرد والترانسفير لاحقا.

وهو ما يفرض على القوى السياسية والمجتمعية والثقافية / الاعلامية في داخل الخط الاخضر اولا وفي كل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وفي الشتات والمهاجر التحرك على المستويات المختلفة الاسرائيلية من خلال مؤسسات الدولة والقضاء الاسرائيلي، والعمل على إستقطاب القوى اليهودية المعادية لخيار حكومتي اولمرت ونتنياهو، والمؤمنة بالتعايش الفلسطيني العربي / اليهودي، وخيار الدولة الديمقراطية ، دولة كل مواطنيها.

والتوجهه للمنابر واللجان الاقليمية والدولية لفضح وتعرية حكومة نتنياهو، وتجريدها من ورقة التوت، التي تتستر بها باسم "التطوير" ، والتي ليس لها من التطوير إلآ الاسم او السم، الذي تسعى من خلاله لتضليل الرأي العام الاسرائيلي والعربي والاقليمي والدولي.

ولعل ما حصل في إجتماع الكنيست يوم 24 حزيران / يونيو الماضي نموذجا للنضال الوطني الفلسطيني الرافض للمشروع الكارثة ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني في النقب، عندما قام النواب العرب في الكنيست بتمزيق نص القانون من على منصة الكنيست، ووصفه بما يستحق من قبل محمد بركة واحمد الطيب وحنين الزعبي وغيرهم من النواب العرب. ولم يأبه اعضاء الكنيست من الكتل العربية بالطرد من ذلك الاجتماع، لانهم كانوا على قناعة بان اعضاء الائتلاف الحكومي الاسرائيلي، وهم الاغلبية سيصوتوا لصالح المشروع، وهو ما حصل، حيث حصل المشروع على اغلبية (43) نائب مقابل (40) نائبا ضد.

مواجهة مخطط الطرد والمصادرة والتهويد العنصري التطهيري الاسرائيلي يحتاج الى صرخة عالية جدا، والى حراك علمي ومسؤول ومثابرة للوصول الى ارفع مراكز القرار الاميركي والاوروبي والروسي والصيني والهندي وفي منابر الامم المتحدة المختلفة لنزع الغطاء عن المشروع الصهيوني، واستصدار قرارات بالضغط على حكومة نتنياهو لايقاف الجريمة قبل تنفيذها ووقوع الفأس بالرأس، الذي ستكون له نتائج خطيرة على مستقبل التعايش العربي / الاسرائيلي.
a.a.alrhman@gmail.com 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com