لا يفتخر العالم بعمله، ولا الشُجاع بشجاعته، الغني بكثرة ماله، بل يفتخر بطاعة الله عز وجل والخُلق الحميد، التواضع، والإخلاص.
أكتب هذه الرسالة التي تنطلق كلماتها كفوهات بركانية، لا للتجريح، وإنما للنصح. وأعترف أنني أكتبها، وأنا أشعر بحزنٍ عميق، وأسفٍ شديدٍ، وغصّاتٍ أليمةٍ في واحات صدري، إذ لم أكُن أعلم، أو أتوقّع أن قلبك ميّت منذ ولادته، وأن السّواد في أعماقك يغلب على البياض شبه المعدوم. لقد تصورتك ملاكا، وأكننت لك كل التقدير والاحترام، وافتخرتُ بك، واعتقدت أن مظهرك الخارجيّ يدُلّ على جوهرك، وعلى ملامح وجهك تبدو الكآبة والحيرة حينما يعاني أحدنا من همّ ما، تتنفس الصعداء تارةً، وتتذمر تارة أخرى، وكأنك شريك في مآسي ومشاكل الآخرين، لكن اتضح عكس ذلك، وأن تصرفك هذا، وتغطية عينيك لكي لا ترى الحقيقة، وتغلق أذنيك حتى لا تسمع أحدا. تبدو وكأنك إنسان واقعيّ مُتّزنٌ، يسعى جاهدًا لتحقيق العدل والعدالة، وزرع الألفة. تُخاطب بلغة التسامح، وتعشق الحرية، بينما أنت بعيدٌ عن هذه المصطلحات التي هي بريئة من أمثالك.
لقد خيّبت آمالي، وآمال مُحبيك، مجتمعك وطموحاته، فكان جديرًا بك أن ترفع صوتك عاليًا بكل ثقة وقناعة لتكون، كما مثّلتَ، نبراسًا ومثالا للتضحية، والعمل الدؤوب، تساند وتدافع عن المظلوم من الظالم،لكن كنت سيّد الظالمين!
كفى، لا تكُن كصاعد الجبل يرى بني البشر صغارًا، فيرونه صغيرًا، لا ولا تتظاهر بما ليس في أعماقك كي تُحافظ على صورتك فاتنة، وتضطر للقيام بدور لا يناسبك، ولستَ أهلا له.
لا أنكر أنك أوقعتني في نارين؛ نار الصمت ونار الكلام، فقررت اللجوء إلى الإمكانية الثانية؛ لأن للصمت، أحيانًا، وخاصّة في هذا المشهد، ضجيجا يطحن عظام الصمت. لكن، عجبًا! كأنك من كوكب آخر أسوة بالذين هبطوا من السماء، لا يعرف القيم، الأصول، والعادات والواجب وهي أسمى وأبسط معاني الحياة التي تجسّد الأخذ، العطاء، الصدق، التضحية، الوفاء، القناعة، الشبع، الجوع، اليأس، الرجاء، القحط، الفرح، الخير والشر. وقد اخترت أنت وحدك، أن تكون الشرارة لانطلاق الشر، والألوان بمختلف أشكالها فصرتَ مزيجا مركّبا من هذه الألوان جميعها، أيّها الملون!
إنّ هذه السطور عزيزي القارئ، ليست مجرد عبارات ولغز في الكلمات المتقاطعة، وإنما عبارات تُعبر وتصور بصدق واقعك المؤلم، وأمثالك الذين يسلكون بمسلك المظاهر والتمثيل الهادفة، أولا وأخيرًا، لخدمة المصالح الذاتية رغم علمك اليقين، أن هذا الدور سلبي، ومن شأنه أن يمسّ ويجرّح الكثيرين، ويضرّ بالمصلحة العامة.
رماح، وعبر هذا المنبر تقول لكل من تنطبق عليه هذه المقالة: ليس من يُصغي للحق بأصغر ممن ينطق به. وخير ما أنهي به قول يحيا بن زكريا :
" الجواهر في الناس لا في الحجر، والنور في القلب لا في العينين، والعزّ في القناعة لا في المال، والفخر في الأدب لا في الحسب والنسب، والصبر في البؤس لا في النعم ". 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com