ها قد انقضت لها السّنة الدّراسيّة وحلّت العطلة الصّيفيّة. عطلة تحمل همّـًا وعبئًا مادّيّـًا، وتوتّرًا نفسانيّـًا، أحيانًا؛ حيث لم تعُد تقتصر هذه العطلة على مصاريف مادّيّة هنا أو تبذيرات إضافيّة هناك! فالمبالغ الماليّة الّتي يصرفها الأهل على أولادهم خلال العطلة الصّيفيّة، مدّة شهرين أو أقلّ بقليل، تفوق المبالغ الّتي يدفعها الأهل على مدار سنة دراسيّة بأكملها، أحيانًا كثيرة!

قد تتحوّل العطلة الصّيفيّة، الّتي تعتبر فرصةً ذهبيّة للتّخلّص من عبء سنة بأكملها تقريبًا، من مناسبة للاستمتاع والاسترخاء والسّفر لتقاسم اللّحظات السّعيدة والمرحة بين أفراد الأسرة، وللتّرفيه عن النّفس، إلى أرق يقضّ مضاجع الأهل، وهمّ نفسانيّ، يدفعهم إلى الحرص على توفير مصاريف العطلة الصّيفيّة وتلبية مطالب أولادهم، أسوةً بالآخرين. ما يدفع البعض منهم إلى سحب بعض المدّخرات المصرِفيّة أو العائدات الماليّة؛ ومَن لا يملك منهم ذلك، فقد يُضطرّ إلى الاقتراض من المصرِف أو «السّوق السّوداء» أحيانًا، وتغيير سلّم أولويّاته، والاستغناء عن بعض الضّروريّات، لهدف رصد مبلغ ماليّ يكفيه خلال هذه العطلة الصّيفيّة ويفي بالمتطلّبات.

لم يعد يكتفي الأولاد بالانضمام إلى هذا المخيّم أو ذاك؛ لأنّ غالبيّة المخيّمات تقدّم برنامَجًا مُشابهًا تقريبًا، مُستنسخًا غالبًا، تحت أشعّة الشّمس الحارقة، حفظه الأولاد عن ظهر قلب وملّوا منه. فيحاولون ابتكار «تفانين» جديدة للتّرفيه عن أنفسهم بعد عناء وكدّ السّنة الدّراسيّة.. ابتكارات قد يصل حدّها الغيوم وأبعد!

في كثير من الأحيان يخطّط الأهل ويستعدّون للسّفر خلال العطلة الصّيفيّة، للتّرفيه عن النّفس ولكسر الرّوتين؛ رغم أنّ ذلك يستنزف جزءًا كبيرًا من ميزانيّة العائلة ومدّخراتها، وقد يأتي على حساب أمور ضروريّة أخرى؛ رغم أنّ السّفر أصبح من الضّروريّات في أيّامنا، ومفهومًا ضمنًا. زِد على ذلك المناسبات الخاصّة الّتي تتزامن بحلول فصل الصّيف وما يترتّب عليها ويتبعها من مصاريف إضافيّة، كالأعراس.. وما أدراك ما الأعراس؟! وغيرها من المناسبات. كما يتزامن، هذا العام، حلول شهر رمضان خلال العطلة الصّيفيّة أيضًا، والمعروف بطقوسه الدّينيّة الخاصّة، وما يترتّب عليه من استعدادات ودعوات وولائم ومصاريف خاصّة به.

إنّ ظروف المعيشة ليست سهلة، فهي في تغيّر دائم ومستمرّ! وطلبات الأولاد، الّذين لا يكلّون ولا يملّون، في ازدياد مستمرّ، وعلى الأهل توفير كلّ هذه الطّلبات، وإلّا..!

لا شكّ أنّ مصاريف العائلة تزداد كثيرًا خلال العطلة الصّيفيّة، فحتّى مدّخرات المصارف والقروض وغيرها قد لا تُجدي نفعًا! فالتّأفّف والتّذمّر من دفع الأقساط المدرسيّة «يتقزّم» أمام تأفّف الأهل وتذمّرهم من مطالب أولادهم الّتي لا تعرف لها حدودًا..

على الأهل واجب التّربية وتقديم الأفضل لأولادهم – كلّ حسَب مقدوره – ولكن على الأولاد واجب التّفهّم والرّحمة كذلك.. الهدف الأساس من وراء العطلة الصّيفيّة هو الاستمتاع والتّرويح عن النّفس؛ فحبّذا أن تجد لها كلّ عائلة المعادلة الصّحيحة والسّلمية للاستمتاع والتّرويح عن النّفس خلال هذه العطلة الصّيفيّة.. سواء اِختارت قضاء العطلة داخل جدران المنزل أم في أبعد نقطة من بقاع الأرض!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com