"ايمانًا بأن حرية الكلمة والتعبير، هي الضّمان لمجتمع حضاري وديمقراطي " . بهذه العبارة الصغيرة ألمعبرة، والكبيرة في معانيها ومضمونها، كتب لي الزميل الصحفي الكاتب زياد شليويط، ابن شفا عمرو البار كلمة إهداء باكورة إنتاجه لكتابه الثاني عجائب يا صندوق .
بدايةً، وقبل أن ادخل صلب الموضوع لدي قناعة تامة أن على الكاتب، أو الناقد أن يكون واقعيًا وموضوعيا عند تقييمه لأي إنتاج وعمل أدبي، لأن الموضوعية والتقييم عاملان هامان وأساسيان. فهناك، وللأسف من تخونهم المصداقية والشجاعة الأدبية بابتعادهم كل البعد عن الموضوعية ،ناسين ومتناسين تأثيرها ودورها، وقد يبحثون عن السلبيات بعدسات مكبرة ليبرز وزنها تاركين الجوهر.
ليلة أمس، انتهيت من قراءة الكتاب الذي يثير عنوانه الرغبة الشديدة لدى القارئ،ومعرفة ما بين السطور ليكشف كم صدق الكاتب باختيار هذا العنوان ،وما يحوي في مضمونه من سرد أحداث ووقائع عجيبة غريبة تدور داخل مجتمعنا ،ومصورا واقعنا المأساوي والمتردي وعمق الجهل والسطحية وذلك بكل شفافية، صراحة ، جراءة ومصداقية. وركز الكاتب على الظواهر الاجتماعية السلبية في حياتنا اليومية بأسلوب ساخر بمقدرة وتعبير رائع، وعلى وجه التحديد وبصورة موسعة بكل ما يتعلق بالانتخابات المحلية والبرلمانية وحياة العرب في البلاد.
وهنا لا بد لي أن أشير إلى تكرار الفكرة في عدد من المقالات حبذا لو اختصرها الكاتب.
"أحزابنا انتصرت ص(14) "
"يعيب البعض على الآخرين اتخاذ الدين سياسة والخلط بين الدين والسياسة، بينما لا يتورع البعض عندنا من خدمة الأحزاب الصهيونية ومصالحها باسم الدين، وخدمة مصالح "الطائفة" أو "العائلة" مدعيًا زورا واستخفافا بعقول الناس واستمراء لحالة الترهل السياسي والاجتماعي لدينا بأن هذه هي قمة الوطنية، ولا يتورع عن المزاودة على المناضلين والشرفاء مستهزئا بالشعور القومي والتضحيات والمبادئ، ومسخرا الدين والطائفية والعائلية والقبلية من اجل مئات الأصوات مقابل حفنة من الشواقل ، ونسي أن يهوذا باع دينه ومبادئه وقومه مقابل ثلاثين من الفضة ، وكان مصيره الموت منتحرا منبوذا كالبعير الأجرب" .


"ولما يسدل الستار"
صدق من قال بأن الدنيا مسرح بل هي مسرح كبير .. اكبر من الدنيا ذاتها، والممثلون عليه أكثر ، أكثر من البشر أنفسهم. كل ممثل يلعب دوره الأصلي وعدة ادوار أخرى تمليها عليه أوامر المخرج وإدارة المؤلف ورغبات المنتج. فالعميل يمثل دور الوطني، والطائفي يمثل دور القومي، والعائلي يتقن دور الاممي، والمتحجر يلعب دور التقدمي.
وكان أن اجتمعت رغبة المنتج وإدارة المؤلف وخبث المخرج، في تقديم دور تاريخي لم يسبق أن لعبه احد من قبل، واحكموه إحكاما غريبا عجيبا، حيث يتعذر على احد أن يلعبه مستقبلا. بحثوا طويلا وفتشوا كثيرا، جابوا مشارق الأرض ومغاربها، شمالا وجنوبا إلىأن عثروا على ضالتهم في احد المروج النائية ، على شخص راع يجلس على صخرة ويعزف على نايه،وأمامه قطيعه يرعى بحبور. طب عليه الثلاثة فجأة ودون سابق إنذار، فنغصوا عليه جلسته الرومانسية،وأذهلوهبإعلانهمأنهم اختاروه بطلا لمسرحيتهم الكبيرة. المسرحية التي ستحطم الأرقام القياسية. صوروا له الدنيا بالألوان المزركشة حتى سلبوا عقله وإرادته ، وأنساق وراءهم كالنعجة الذليلة واصم أذنيه عن ثغاء خرافه.
في نظري ستظل ألستاره مرفوعة، لأن هذه المسرحية لها بداية لا نهاية لها، وهذا المشهد المألوف سيظل يعيد نفسه ما زلنا نتصرف بهذه الطريقة ونتبع هذا النهج والمسلك السلبي.
أهديك صدق مشاعري، ونبع أحاسيسي من الصميم قدمًا نحو المزيد من العطاء المثمر لما فيه مصلحة المجتمع 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com