فاجأ الشعب العربي المصري الرئيس محمد مرسي ومكتب الارشاد في المقطم، بخروجه العظيم الى الميادين والساحات والاوتوسترادات في القاهرة والاسكندرية والمحلة الكبرى واسيوط والمنصورة وبورسعيد والسويس وسيناء والصعيد، ليس فقط في المدن وانما في القرى والنجوع. ثلاثة وثلاثون مليون مواطن مصري حسب تقديرات فضائيات ووكالات انباء اجنبية، منها CNNو BBC وفرانس 24، نزلوا لميادين مصر كلها، وليس في ميدان التحرير بالقاهرة فقط، وشعارهم الناظم والموحد: "إرحل!" و "يسقط حكم المرشد".

كان مرسي ومعه مكتب الارشاد لجماعة الاخوان المسلمين يعتقدون، أن حملة "تمرد" وموقف قوى المعارضة المصرية بتلاوينها المختلفة، ليست سوى "زوبعة في فنجان" او "فزاعة" لا تقدم ولا تؤخر، لرهانهم على ان الشعب المصري، لن ينزل الى الميادين، مما دعى الرئيس الاخواني لممارسة سياسة البلطجة في خطابه الاخير يوم الاربعاء الماضي، عندما لوح بالعصا الغليظة في وجه المعارضة، معتقدا ان الشعب المصري وقواه الحية ستخشاه!؟ ونسي مرسي، ان الشعب الذي انتفض في ثورة 52 يناير على حكم الرئيس مبارك، لم يعد يخشى سوى القهر والارهاب من اي نظام سياسي حتى لو كان نظام الاخوان الفاشل. وانتفض على الذل والمهانة.

نزل الشعب كما لم ينزل في تاريخه القديم والوسيط والحديث الى الميادين، رافعا الكرت الاحمر في وجه الرئيس محمد مرسي، مطالبا اياه بالرحيل، مما جعل الرئيس المنقاد من مكتب الارشاد في لقائه مع بعض وسائل الاعلام الاميركية والانكليزية للاعتراف للمرة الاولى بانه، أخطأ في إصدار الاعلان الدستوري، الذي استحوذ من خلاله على كل الصلاحيات والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بيده. ولكن جاء إعتراف الدكتور مرسي بعد فووات الاوان.

وما أعطى الثلاثون من يونيو/ حزيران اهميته وقيمته التاريخية، ان القوات المسلحة والاجهزة الامنية بمما فيها قوات الشرطة المصرية بقيادتها الوطنية رفضت التواطؤ مع مكتب الارشاد والرئاسة المرسية، التي حاولت تلفيق الاتهامات للعديد من زعماء المعارضة السياسية والاعلامية والقضائية والثقافية بهدف بث الاشاعات المغرضة ضدهم، ومن ثم القيام بحملة إعتقالات مسعورة. لكن تلك الاجهزة العظيمة عظمة مصر وحضارتها وتاريخها المشرف، رفضت التساوق. ليس هذا فحسب، بل ان الفريق عبدالفتاح السيسي، وزير الحربية المصري، كان قبل إسبوع وجه تحذيرا للقوى السياسية كلها بان تعود لرشدها خلال مدة إسبوع لحماية وحقن الدماء المصرية الزكية، وكان ذلك التحذير عشية خطاب مرسي نهاية الاسبوع الماضي. وعمق امس الفريق السيسي موقفه الحاسم والمنحاز لارادة الشعب المصري العظيم باصداره بيان شديد الوضوح والدلالة، حين اعلن في بيان رسمي وبصوته الشخصي : إذا لم تتحقق مطالب الشعب المصري العظيم خلال ال 48 ساعة القادمة، فإن الجيش سيتحمل المسؤولية لتحقيق مطالبهن ، ويطرح خارطة طريق للخروج من نفق الازمة الدائرة في البلاد"، اي ان الجيش بلا مداورة او تضليل او تزويق اعلن تبنيه خيار الشعب، هو: رحيل الرئيس الاخواني محمد مرسي.

واكد الفريق السيسي: ان القوات المسلحة المصرية لن تكون طرفا في دائرة الحكم، ولن تخرج عن ما هو مرسوم لها في دائرة الحكم الديمقراطي.." وهذا التأكيد يدعو قوى المعارضة بمختلف تلاوينها إلى عدم السقوط في متاهة الاخوان ومن لف لفهم، بالعودة لرفع شعار " يسقط .. يسقط حكم العسكر!" لان هكذا شعار يتناقض مع مصالح مصر المحروسة والقومية العربية، لا سيما وان هذا التوجه، الذي اعلنه الفريق عبد الفتاح السيسي، ينسجم مع توجهات ومطالب المعارضة، التي طالبت الجيش بحماية الثورة، وايضا يتوافق البيان العسكري للقوات المسلحة والزمن، الذي منحه لحكم المرشد برد الامانة لاصحابها خلال ال 48 ساعة القادمة مع إنذار حركة "تمرد" وجبهة الانقاذ وكل الوان المعارضة ، التي اعطت مرسي والمرشد ايضا مدة 48 ساعة، التي تنتهي مساء اليوم الثلاثاء. وبالتالي على الشعب المصري الانتباه لمن قد يندس بين ظهرانيه لتشويه وحدته مع القوات المسلحة ومنتسبي الاجهزة الامنية بمسمياتها ومهماتها القومية المتعددة. لذا مطلوب التصدي لكل من يحاول وضع السم في العسل لتفتيت وحدة الشعب المصري مع قواته المسلحة، التي حمت ، وتحمي اعمدة الدولة العميقة، والتي اليوم او غدا، ستعيد الاعتبار للثورة والربيع المصري.

اليوم مصر المحروسة، حارسة أحلام المصريين والعرب عموما والفلسطينيين خصوصا، تستعيد عافيتها، ومكانتها واهداف ثورتها المدنية المجيدة. دون إقصاء لاي قوة سياسية ودون إرهاب او تكميم افواه لاحد، لان حرية الرأي والرأي الاخر والتعبير وبناء مصر الحديثة، احد اهم اهداف الثورة. ولكن دون السماح للاخوان او القوى السلفية الجهادية التكفرية إبتزاز الشعب، وفرض اجندتهم الظلامية على الشعب. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com