شكلت المظاهرة الجماهيرية التي نظمت أمس في بئر السبع، بتوجيه من لجنة المتابعة العليا ، وتجنيد لجنة التوجيه العليا لأهالي النقب، نقطة ضوء وبارقة أمل يمكن التأسيس عليها لبناء استراتيجية عمل يمكنها أن تحقق الهدف المنشود ، وهو إسقاط مخطط برافر. فقد وضعت لمشاركة الغفيرة لأهالي النقب أنفسهم في المظاهرة حدا لكل مشاعر الإحباط الأولية التي كانت ظهرت بعد ما بدا من نزاعات داخلية من جهة، وميل لجنة المتابعة إلى إيجاد دفع بالغيبة لنفسها، عبر التلميح المستمر إلى أن التصدي لبرافار مرهون أولا وقبل كل شيء بتصدي أهالي النقب أنفسهم للمخطط، وأن على هؤلاء أن يتحملوا القسط الأكبر في المعركة القادمة.

ففي مظاهرة الخميس قال النقب وأهله كلمتهم، وقطعوا في مشاركتهم الغفيرة ، قول كل خطيب ومشكك، ومحبطٍ ومُخبط. لم يعد هناك متسع الآن لتعليق تنفيذ المخطط على شماعة عدم وقوف النقب بحزم ضد المخطط. أثبت أهل النقب هذه الوقفة المطلوبة منهمـ لكنهم وجهوا أمس رسالة واضحة أن النقب كالطير لا يقوى على الطيران إلا بجناحيه، فالنقب هو الطائر، والجليل والمثلث هما جناحيه، ولا يمكن للنقب أن ينتصر على برافار إلا إذا رفرف بجناحيه المذكورين، ولا يمكن للنقب أن ينتصر إلا إذا حضر وشارك وجند كل رؤساء السلطات المحلية العربية في خطوات النضال ضد برافر... ولا يمكن للمتابعة أن تضمن استعادة هيبتها ودورها إلا إذا أعادت واستعادت دور السلطات المحلية ككل إلى خضنها، ولم تكتف بعد الآن بترك مسالة التنسيق مع الرؤساء للجنة الرؤساء، وليس فقط مع مندوبي اللجنة ضمن لجنة المتابعة.

حالة النقب، إذا أجمعنا واتفقنا على كل المسميات والنعوت التي أطلقتها الأحزاب العربية على اختلاف مشاربها وآرائها ومواقفها، هي حالة ما قبل النكبة الثانية، أي هي حالة طوارئ لأقلية تدافع عن وجودها المجرد وعن أرضها وبالتالي لا مجال أمامها ولا متسع لديها لجلسات الحوار والتنسيق، وتبادل الرسائل ومذكرات التوجيه والتضامن. الحالة الراهن للنقب تقتضي، دون أي تأخير، إعادة دمج اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية وبشكل فوري في لجنة المتابعة، لتعود إطارا قياديا تمثيليا يمثل أوسع وأكبر قدر ممكن من الجماهير العربية.
حالة النقب اليوم، وعشية تنفيذ برافار تطلب وضع برنامج نضالي واضح ومحدد يشمل على الأقل عدة خطوات ينفق عليها في كل مرة، وترك أسلوب العمل الذي ساد لغاية اليوم وتمثل باتخاذ قرارات جديدة لفعالية واحدة كل مرة، وسط جدل ومناكفات حزبية تنطوي على كثير من تسجيل المواقف.
ما المانع مثلا أن تتفق لجنة المتابعة بعد استعادة لجنة الرؤساء غليها، على تطوير خطوة النضال وإعلان الإضراب العام ليس فقط في النقب بل في كافة أنحاء الوسط العربي وفي كل قراه ومدنه، حتى يدخل المخطط كل بيت، وأن نستغل الأيام القادمة قبل انتهاء السنة الدراسية لإعلان هذا الإضراب، مع تصعيد عدد أيامه مثلا في حالة عدم التجاوب.

ما المانع مثلا من العودة إلى سنوات التسعينات ونسخ أدوات عمل لجنة المتابعة العليا، عندما كانت تقيم خيمة اعتصام للرؤساء للمطالبة بالميزانيات، فإذا كانت الميزانيات تستحق خيمة اعتصام أمام مقر رئيس الحكومة، وإضراب عن الطعام، أفلا يستحق خطر الترحيل والمصادرة إقامة خيمة اعتصام جماعية لرؤساء السلطات المحلية ورؤساء الأحزاب في المرحلة الأولى؟

ألا يمكن أن نفكر مثلا كخطوة تصعيدية في التهديد ليس فقط بعصيان مدني، بل بخلق أزمة دستورية وبرلمانية في إسرائيل من خلال التلويح باستقالة كافة أعضاء الكنيست العرب وترك الكنيست خالية من الأعضاء العرب؟ ألم يقترح أعضاء الكنيست سابقا على رؤساء السلطات المحلية العربية تسليم المفاتيح لوزارة الداخلية، لماذا إذا لا نقترح عليهم أن يسلموا استقالاتهم لرئيس الكنيست في حال أصر البرلمان على تمرير قانون الترحيل والطرد والمصادرة، ما الغاية عندها وما الفائدة من الكنيست إذا فشلنا في إسقاط المخطط بعمليات التصويت البرلمانية! فلنلوح إذا بترك الكنيست نهائيا، ألا تصرح الأحزاب العربية كافة أن الكنيست هي أداة وليست هدفا..فلنضع هذه الأحزاب أمام امتحان تصريحاتها ولنر أي منها مستعد للتضحية بالكنيست مقابل إفشال نكبة جديدة، ومن من هذه الأحزاب سيقبل بالتفريط بأراضي النقب للفوز بمقاعده في الكنيست...المفروض أن يكون شعارنا المستقبلي والقادم إما سحب برافار وإما الاستقالة من الكنيست وتركها بلا رتوش تجميل عربية...

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com