صمّمت زميلتي العزيزة في العمل، مصمّمة الچرافيكا آية صفدي، على مرافقتها لحضور عرض فلامنكو راقص لفرقة رقص يهوديّة في قاعة كريچر في كرملنا الفرنسيّ الحيفاويّ؛ وذلك بعد أن كان قد دعاني، أيضًا، لحضور العرض ذاته، الشّابّ پيير لاپدجيان المشارك فيه. لم أتحمّس، بدايةً، لحضور العرض؛ حيث كنت قد شاهدت، سابقًا، عروضًا لفرق رقص فلامنكو عربيّة محلّيّة، تأرجح مستواها – باعتقادي – بالكاد، ما بين الجيّد والجيّد بالتّقريب، ربّما لسبب اتّخاذ الرقص في مجتمعنا العربيّ – في كثير من الحالات – هوايةً أكثر منه احترافًا. لكن في المقابل، تسنّى لي رؤية عروض سابقة للاپدجيان، لفتني فيها أداؤه وجِدّيّته وحِرْفيّته، لأجده – شخصيّـًا – أفضل من الراقصات بدرجات.. وهذا – لربّما – ما دفعني – عدا إصرار زميلتي – إلى حضور العرض.

"عبير امرأة" (ניחוח אישה) كان الاسم الّذي اختير لهذا العرض الرّاقص، الّذي حوى إيقاعات متنوّعة مثيرة وعبقًا بَخُوريّـًا ونكهة فلامنكو إسپانيّة مختلفة كثيرًا عمّا لمسته في عروض محلّيّة، حملتني معها إلى عروض فلامنكو كنت قد شاهدتها في إسپانيا، قبل مدّة ليست ببعيدة..

وبخلاف ما كنت أتوقّعه وأخشاه، أبهرني جدًّا هذا العرض، حيث توافرت فيه واكتملت جميع العناصر الضّروريّة لإنجاحه، بدءًا بالديكور والإضاءة والملابس، وانتهاءً باختيار الأغاني والموسيقى والإيقاعات – المُحزنة منها والمُفرحة – وإشراق وتألّق واحتراف الرّاقصات الرّهيب. فوجدت نفسي أمام فرقة رقص فلامنكو عالميّة في غاية الاحتراف والمِهْنيّة والإتقان، كنت أتمنّى وجود مثيلاتها في مجتمعنا العربيّ.

ولكن ما دفعني إلى الكتابة هو وجود الشّابّ الحيفاويّ الموهوب پيير لاپدجيان (29 عامًا) ضمن صفوف هذه الفرقة المحترفة، والّتي أُنيطت به مَهمّة المرافقة الإيقاعيّة، بواسطة التّصفيق وآلة الـ"كاستانيتس" (Castanets)، نسبةً إلى الكَسْتَنة – (آلة موسيقيّة صوتيّة (Idiophone) قديمة، استعملت في عهد الرّومان، ثمّ العثمانيّين والمغاربة والإسپان والإيطاليّين، وهي أشبه بصَدَفتين مقعّرتين تُصدران إيقاعًا (صوتًا) لدى ارتطامهما ببعضهما بعضًا، حيث يتغّير صوت الإيقاع بتغيّر سرعة وكيفيّة ارتطام الصّدفتين، ويعتمد ذلك كثيرًا على مهارة العازف). وتُعتبر آليّات التّصفيق المعقّدة (Palmas) فنّـًا مميّزًا بحدّ ذاته.. وقد فاجأ لاپدجيان – خلال العرض – الجمهور برقصة فلامنكو مُتقَنة، رافق خلالها الرّاقصتين المحترفتين على المسرح، ليشعرك بذلك بأنّ الفلامنكو ليس مجرّد رقص عاديّ، بل هو فنّ يحكي – من خلاله – قصّة ويحاكي الأحاسيس.

پيير لاپدجيان حاصل على شهادة في علم النّفس، يتحدّث بطلاقة الأرمنيّة والعربيّة والعبريّة والإنچليزيّة والإسپانيّة والفرنسيّة؛ يعشق الرّقص كثيرًا، وطموحاته لا تعرف الحدود، دائم التجدّد والدّراسة والمثابرة، واثق جدًّا من نفسه، تحدّى الصّعوبات وأصرّ على مواصلة مشواره الفنّيّ.. "رقص الفلامنكو لا يقتصر على النّساء فقط، كما تعتقد الغالبيّة"– قال لي پيير؛ وأضاف: "إنّ الفلامنكو بالنّسبة إليّ، ليس مجرّد رقص أو إيقاع أو فنّ، إنّه لغتي الّتي أحاكي من خلالها الجميع". لم يأبه للكلام المُغرض، ولم يُعِر الأقاويل الكثيرة أيّ اهتمام، فوضع نصب عينيه هدفًا منذ صغره، وأصرّ على الوصول إليه. وهو، فعلًا، يُعتبر، اليوم، راقص الفلامنكو الوحيد في مجتمعنا العربيّ الحيفاويّ، الّذي يضع بصمته ويمشي بخطوات دقيقة وثابتة ومدروسة في الطّريق الصّحيح نحو الاحتراف..

ومع پيير لاپدجيان، الّذي يجد نفسه في رقص الفلامنكو، يحاكينا ويعبّر عن حرّيته من خلاله، ليتحوّل بذلك إلى أسلوب حياته، كان لي هذا الحوار..


- يندر أن يَطرق باب الفلامنكو شباب في مجتمعنا العربيّ.. فما الّذي شدّك إلى هذا النّوع من الرّقص؟

لم يكن حبّي لرقص الفلامنكو وليد الصّدفة، رغم أنّي بدأت تعلّم رقص الدّبكة وأنا في الثّانية عشرة من عمري، في فرقة «سلمى» لصاحبتها فريال خشيبون، لكنّي لم أجد نفسي في هذا النّوع من الرّقص، فبدأت أبحث عن نوع آخر من الرّقص أقرب إلى قلبي. توجّهت إلى فرقة رندا شقير، وهناك وجدت نفسي أكثر في نوع «آخر» من أنواع الرّقص، طالما حلمت به.

جذبني لحن وإيقاع موسيقى الفلامنكو جدًّا، فهو يختلف عن الإيقاع الشّرقيّ؛ لأنّه غنيّ جدًّا، مُشبع بتأثيرات غجريّة، إسلاميّة، يهوديّة، بيزنطيّة، وغيرها.. فهذا التّنوّع في الإيقاعات ومزجها في الفلامنكو يخلق دمجًا مميّزًا وينفح فيه الحياة.


- ماذا تعني بالحياة؟ فغالبيّة الرّقصات التّعبيريّة فيها ملمس من الحياة..

صحيح. ولكنّ الأمر يختلف عندما يدور الحديث عن راقص أو راقصة الفلامنكو. فرقص الفلامنكو ليس عاديّـًا، بل هو عبارة عن قصّة تُحكَى وتؤدَّى بشكل فنّيّ راقص معبّر، على إيقاعات حزينة تحكي عن الخيانة والاضّطهاد ومشاقّ الحياة والبؤس والحنين إلى الحبيبة والأمّ وما إلى ذلك؛ وفي المقابل هناك إيقاعات مُفرحة جدًّا تحكي عن المناسبات السّعيدة.. وهذا الخليط ما بين الحزن والسّعادة يعكس صورةً عن حياتي أعبّر عنها على المسرح بحرّيّة، من خلال الرّقص.


- لا أعتقد أنّ مجتمعنا يتقبّل فكرة راقص الفلامنكو، كتقبّله راقص الدّبكة مثلًا.. فهل واجهت صعوبات من جرّاء ذلك؟

لم تكن بداياتي سهلة، قَطّ! لم يستطِع مجتمعنا العربيّ تقبّل راقص الفلامنكو، هذا المجتمع الّذي يعتقد خاطئًا أنّ رقص الفلامنكو يقتصر على النّساء! هذا أمر مغلوط فيه جدًّا، وغير دقيق. فرقص الفلامنكو لدى الإسپان، أقرب إلى الدّبكة لدى العرب؛ فكما أنّ الدّبكة ليست حكرًا على الشّباب، كذلك الفلامنكو لا يقتصر على النّساء، فقط. فهناك رقصات خاصّة براقص الفلامنكو.

خلال سنوات عديدة تنامت إلى مَسمعي أقوال كثيرة مُغرضة، وقد «هَزَأ» البعض من هذا الرّقص الّذي اُؤدّيه، لكنّي لم أعِر هذه الأمور أيّ اهتمام؛ لأنّي وضعت نصب عينيّ هدف العمل على ذاتي لهدف التّطوّر واحتراف موسيقى ورقص الفلامنكو. إنّ الأمور تبدّلت، اليوم، بعض الشيء؛ فموسيقى الفلامنكو الإيقاعيّة والحماسيّة أصبحت أقرب إلى المتلقّي، ورغم تقبّل هذا النّوع من الفنّ وبداية تغلغله في مجتمعنا العربيّ، ما زال البعض يستهجن و«يرفع حاجبيه» عندما يراني أرقص على المسرح! إلّا أنّي اعتدت الأمر. لا أجد نفسي غريبًا، ففي نهاية الأمر هذا فنّ راقٍ، وله لغته العالميّة.


- ولكن تبدو – أوّل وهلة – في العرض، وكأنّك تجلس للتّصفيق، فقط..!

هكذا قد يبدو للمشاهد. ولكن التّصفيق في الفلامنكو معقّد، ويعتبر فنّـًا بحدّ ذاته، فهو إحدى الأدوات الإيقاعيّة الضروريّة والهامّة في أيّ عرض. لا بدّ أنّك لاحظت – خلال العرض – مقطعًا لراقصة الفلامنكو ميخال، برفقة عازف القيثارة والمغنّي رفائيل، قدّمت – من خلاله – الرّاقصة والعازف وفق إيقاعاتي التّصفيقيّة، وهنا تكمن أهمّيّة التّصفيق؛ بالحفاظ على الـ"ريثم" (الإيقاع) السّليم و"البيت"، فأيّ انحراف بسيط عن الإيقاع "يضيّع" العازف والرّاقصة. من الضروريّ، أيضًا، أن تُدخل حسّك في التّصفيق لتضفي عليه نفحتك الخاصّة.


- لعبت دورًا مركَزيًّا في العرض، وفاجأتنا برقصة فلامنكو بارعة..

(يخجل، يبتسم، ويشكر).. نعم، فقد ذكرت، آنفًا، أنّ الإيقاع في تركيبة الفلامنكو ضروريّ وهامّ جدًّا. هناك ثلاثة عناصر أساسيّة تلعب دورًا أساسيًّا في الإيقاع: القيثارة والصّندوق الخشبيّ والتّصفيق. وكلّ – بدوره – يعطي الحسّ أو اللّمسة الموسيقيّة الخاصّة للفلامنكو. كي تكون إيقاعيّـًا محترفًا عليك أن تكون ملمّـًا بموسيقى الفلامنكو.


- وماذا بالنّسبة للرّقص؟

أنا راقص وعضو دائم – مؤخّرًا – في فرقة المخرجة/مصمّمة الرّقصات سيلڤيا بارو، خرّيجة الأكاديميّة العالميّة للفلامنكو، مخرجة ومصمّمة هذا العمل، أيضًا. أتدرّب ما بين ثلاث وأربع ساعات يوميّـًا، ضمن الفريق وبشكل منفرد، أيضًا. أنا متأثّر جدًّا بهذا النّمط الفنّيّ وأعيشه يوميّـًا، فمعرفتي اللّغة الإسپانيّة، ساهمت في عشقي وتقرّبي من هذا النّوع من الرّقص والموسيقى.. هذا الفنّ الغجريّ الأندلسيّ المتأثّر بفنون إسلاميّة وأوروبيّة وهنديّة.


- أنت ترقص، اليوم، ضمن فريق محترف، وتدرس لدى أفضل المدرّبات.. فما الّذي دفعك إلى السّفر، مرّتين، إلى إسپانيا، للدّراسة هناك، أيضًا؟!

صحيح أنّي أدرس لدى أفضل المدرّبات، لكنّ العلم – حتّى في الرّقص – لا يعرف الحدود، والطّريق أمامي ما زالت طويلة. سافرت إلى إسپانيا مرّتين، للدّراسة في أكاديميّة الفلامنكو. كنت أرقص ما بين 8 إلى 9 ساعات يوميّـًا، متنقّلًا بين مدرّبة إلى أخرى. درست في أكاديميّتَي إشبيلية ومدريد. إنّ تقنيّة التّعليم في أكاديميّة مدريد تختلف عنها في أكاديميّة إشبيلية. ففي مدريد – كما في باليه بولشوي – يعلّمون التّقنيّة والتكنيك، فالحركات تكون مدروسة بدقّة؛ بينما في إشبيلية يعلّمونك الرّقص الحسّيّ النابع من الدّاخل (من البطن). وهذا التّناقض في التّعليم بين الأكاديميّتين أكسبني تقنيّة وخبرة خاصّتين وحسًّا مميّزًا، أضاف الكثير إلى مشواريَ الفنّيّ وأغناه.

أنا أصبو، دائمًا، إلى اكتساب مهارات تساعدني على تثبيت خطواتي في عالم الفلامنكو. إنّ الفلامنكو عالم واسع، فحتّى بعد دراساتك لفنّ ورقص الفلامنكو لسنوات طويلة، يصعب عليك الاحتراف بدون اكتساب آليّات ومهارات وخبرات.. أكبر الرّاقصات والرّاقصين المحترفين يسعون، دومًا، لاكتساب خبرات وأساليب رقص وتعبير من مدرّبات ومدرّبين جُدد، لهدف التّعلّم والتّجدّد. أنا ما زلت في بداية طريق الاحتراف، على أمل أن أكون في الطّريق الصّحيح، ولكنّ ذلك يتطلّب منّي أن أكرّس جلّ وقتي للتّعلّم والتّدرّب والرّقص.


- لقد تدرّبتَ في مدارس مختلفة خلال مسيرتك الفنّيّة، فهل لمست فرقًا بين هذه المدارس؟

بالطّبع؛ هناك فروقات شاسعة.. في مدارس معيّنة لمست المهْنيّة والاحترافيّة ووجدت بونًا شاسعًا من حيث المستوى مقارنةً بمدارس أخرى؛ فلا تنسى أنّنا في مثل هذه المدارس ندرس لدى خرّيجات أكاديميا فلامنكو مُحترفات فعلًا. كما لمست فرقًا بين المدارس العبريّة في شِمال البلاد ومركَزها؛ فالمستوى في مركَز البلاد أفضل منه في شِمالها. أمّا الخبرة الّتي اكتسبتها من أكاديميّتَي الفلامنكو في إسپانيا، فهي بمستوى وعالم آخرين..!


- ما الفرق بين راقص الفلامنكو وراقصته؟


كانت هناك رقصات خاصّة بالنّساء وأخرى بالرّجال؛ ولكن، اليوم، أصبح الرّقص لغة مشتركة، فقلّما تجد فرقًا بين الرّاقص والرّاقصة.. تخيّل أنّني صادفت – لدى دراستي في الأكاديميّة – راقصين يرتدون فساتين وراقصات يرتدين البناطيل، ففي النّهاية هذا "شو" (عرض) فنّيّ، والسّماء هي الحدود في الفنّ. ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ راقصي الفلامنكو يملكون عضلات أرجل تمكّنهم من الرّقص بقوّة أكثر من الرّاقصات.. بالمحصّلة إنّ الفرق شبه معدوم.


- أعلم أنّك قمت بتدريب رقص الفلامنكو..

نعم. درّبت – قبل أزيَدَ من سنة مضت – طالبات الصّفّ الثّالث في مدرسة راهبات النّاصرة، وقمت بإجراء بعض الدورات هنا وهناك.. لكنّي، اليوم، أحضّر لمشروع كبير، أنوي – من خلاله – العمل على تدريب فريق أعدّه لاحتراف الفلامنكو، ولكنّ الحديث عن تفاصيل المشروع سابق لأوانه.


- ألا تحلم في تقديم عرض خاصّ بپيير لاپدجيان؟!

طبعًا! هذا هو حلمي، وأرغب بذلك جدًّا، لكنّ ذلك – عزيزي – يتطلّب إيجاد فكرة جديدة، مجهودًا كبيرًا، وعملًا جِدّيًّا مكثّفًا، يرقى بالمشاهد، ويحاكي مجتمعنا العربيّ أيضًا، فِكرًا وثقافةً.. الأمر ليس بهذه السّهولة، وهذا مشروع كبير يتطلّب دراسة مليّة، وتحضيرًا جِدّيّـًا. في عرض كهذا أريد أن آتي بما هو جديد على عالم الفلامنكو، أصبو إلى أن أبدع، لا أن أرقص لمجرّد الرّقص. ولكن – في المناسبة – أعترف لك بأنّي بدأت أبلور فكرة أعمل عليها، ستعجب وتُدهش الجميع وتُظهر پيير بأفضل حالاته، ولكنّ ذلك يتطلّب تدريبات مكثّفة جدًّا والعمل مع طاقم مهْنيّ محترف..


- هل لك أن تشاركنا هذه الفكرة؟

(يبتسم).. لا يمكنني التّصريح بذلك لحين اكتمال الفكرة.. ولكن ما هو أكيد أنّك ستجد مزجًا مثيرًا بين عالمين موسيقيّين، مختلفين متشابهين، قريبين بعيدين، من حيث الرّقص والإيقاع والغناء، عالمين يندمجان بسلاسة وانسجام ليحيكا فنّ الفلامنكو بشكل متجدّد.. وأنت ستكون أوّل المدعوّين والشّاهدين على هذا العرض..!!


- ماذا أعطاك الفلامنكو، وماذا أخذ منك؟

أعطاني الفلامنكو الكثير.. أكسبني الثّقة بالنّفس، الاكتفاء الذّاتيّ، الحرّيّة والسّعادة، الجِدّيّة والتّجدّد المستمرّ.. لم يسرق منّي – في طبيعة الحال – سوى الجهد والوقت، وهذان هامشيّان جدًّا مقارنةً بما اكتسبته من خلال رقص الفلامنكو.


- كلمة أخيرة..

لا شكّ أنّ جمهور اليوم يختلف عن جمهور الأمس، يبحث عن التّغيير والتّجديد في كلّ شيء، وفي الموسيقى والرّقص، أيضًا. أتمنّى أن يَلقى مثل هذه العروض تشجيعًا في مجتمعنا العربيّ عمومًا، والحيفاويّ خصوصًا، وأن تشكّل حافزًا لتقديم الأفضل والعمل على الاحتراف.. على أمل أن يدخل الفلامنكو ضمن أعمال إنتاجيّة فنّيّة عربيّة؛ لأنّه حيويّ، غنّيّ بالإيقاعات الرّاقصة الجميلة القريبة من كلّ واحد منّا، حيث سيجد نفسه يعشق هذا النّوع من الرّقص والموسيقى.

وفي النّهاية، أشكر لك وللزّميلة آية حضوركما عرض الفلامنكو.. فليست هناك طريقة أفضل يمكنك – من خلالها – تعرّف الفلامنكو إلّا من خلال عرض فنّيّ مباشر.


"عبير امرأة" – عرض فلامنكو إيقاعيّ وعبقيّ. رقص: ميخال بيرت، حيلي ڤيسمان؛ قيثارة وغناء: رفائيل چراو؛ كلارينت: ماطي بوبك؛ غناء: چبرييلا كورتاس؛ ناي: ناعمة كلاين؛ قيثارة كهرَبائيّة: مايا ڤاردي؛ قيثارة: إيتسيك زوآرتس؛ صندوق خشبيّ: إيتمار فيچنباوس؛ إيقاع ورقص: پيير لاپدجيان؛ تصميم رقصات وإخراج: سيلڤيا بارو.


الفلامنكو

الفلامنكو هو نوع من الموسيقى الإسپانيّة، يقوم على أساس الموسيقى (الإيقاع) والرّقص. شكل فنّيّ نشأ في جنوب إسپانيا (الأندلس)، حيث يرجّح بعض المحلّلين عزو أصل الفلامنكو إلى الحضارات الإيبيريّة القديمة، لكنّه تطوّر لدى الغجر في القرن الخامس عشر. أمّا الفلامنكو في شكله الحديث، فوُلد في القرن الثامن عشر، وقد تأثّر جدًّا بمزيج من الموسيقى الغجريّة والإسلاميّة واليهوديّة والبيزنطيّة.. فهذا الخليط من الثّقافات المختلفة هو ما يميّز الفلامنكو ويغنيه إيقاعيًّا.

إنّ الفلامنكو – من النّاحية التّقنيّة – ثلاثيّ الأركان؛ حيث يشمل الغناء (Cante)، الرّقص (Baile) والقيثارة في آن واحد (Guittarra)؛ وطبعًا، يعتمد كثيرًا على المرافقات الإيقاعيّة، حيث تعتبر آليّات التّصفيق المعقّدة (Palmas) فنّـًا بحدّ ذاته.

هناك العشرات من الأنماط الموسيقيّة المختلفة في الفلامنكو، والّتي تحمل أسماء عامّة؛ تُعرف هذه الأنماط من خلال بنائها المتجانس (الهارمونيّ) وخصائص لحنيّة وإيقاعيّة الشّكل؛ فلكلّ قالب منها طابَعه الخاصّ، والعديد منها تلوين موسيقيّ محلّيّ لأشكال موسيقيّة متشابهة، أصلًا.

ولد الفلامنكو كتعبير عن النّاس المُضطهَدين، لذا كانت الأغنيّة تتميّز بالحزن والكآبة، وكانت تعبيرًا عن الظّلم والحزن، وتُظهر مشاقّ الحياة والبؤس العامّ.

رقصة الفلامنكو هي لغة الجسد، تعبّر الرّاقصة – من خلالها – عن قوّتها وكبريائها ورهافتها وجمالها في آنٍ معًا. فعلى إيقاعات الفلامنكو وجمال اللّحن يكون الرّقص بعيدًا عن مجرّد التّمايل العاديّ للجسد أو هزّ الخصر كالرّقص الشّرقيّ؛ بل هو رقص وحركات فنّيّة إبداعيّة تنمّ عن كبرياء وعنفوان ضدّ الاضطهاد والظّلم، تعتمد فيها الرّاقصة، أساسًا، على حركة ديناميكيّة تصاعديّة للأطراف (الأيدي والأرجل).

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com