أحيت الاوركسترا الوطنية الفلسطينية في عامها الثاني حفلاً موسيقياً فريداً في قصر رام الله الثقافي مساء أمس الخميس، بحضور عدد كبير من الجماهير التي ضمت العديد من الشخصيات الرسمية والثقافية والشعبية التي تفاعلت واندمجت مع العرض الموسيقي والذي تجسد بإشراف معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى، وستخط الأوركسترا رحالها خارج الوطن في العاصمة الأردنية عمان، يومي الجمعة والسبت في مركز الحسين الثقافي بالتعاون مع مسرح البلد.

وقد أُطلقت الأوركسترا الوطنية الفلسطينية لأول مرة العام الماضي وترددت أصداؤها في الوطن وخارجه عشية رأس السنة الميلادية لعام 2011، وهذا العام تواصلت الأوركسترا بقوة بفضل جهود الكثيرين وعلى رأسهم الراعي الدائم للاوركسترا بنك فلسطين والدعم المشكور من صندوق الاستثمار الفلسطيني والسيد صبيح المصري والعديد من الشخصيات الفلسطينية المحبة للموسيقى والداعمة لها.

وبقيادة المايسترو العالمي اللبناني ماثيو خوري الذي قاد الأمسية بحرفية وأريحية كبيرة جعلت الأوركسترا بأعضائها يتفاعلون وينسجمون على آلاتهم المختلفة فيقدمون الموسيقى المفعمة بالإحساس الخاص وتوق الكثيرين منهم لرؤية الوطن. استهلت الأوركسترا صمت القاعة وتحمس الجماهير بحواسهم المترقبة بمقطوعة لبيتهوفن "مقدمة كوريولان" البطل الروماني الأسطوري القديم الذي تعكس شخصيته التمزق بين الإرادة السياسية والتفاني للأسرة، الرغبة بالحياة والغرور الشخصي، ثم قدمت الاوركسترا قطعة شرقية رائعة مع عازف الكلارنيت السوري كنان العظمة تحت عنوان "الـ 22 من نوفمبر" وشوق المغترب إلى الوطن حيث يحنّ الإنسان إلى الأصوات المألوفة من أيام الطفولة.

وعادت الأوركسترا بالمقطوعة الثالثة لتخص آلة التشيلو مع كونشرتو خاص لها للمؤلف روبرت شومان يؤديه بإتقان العازف الفلسطيني الألماني الكساندر سليمان، حيث جسد من خلاله المؤلف حالة نفسية متداخلة انتابته خلال حياته فكانت تلك المقطوعة فورة إبداعية مذهلة بكل تفاصيلها وتداخلاتها، وبعد استراحة قصيرة، عادت الموسيقى مع موزارت وسيمفونية رقم 35 "الهافتر" المليئة بالحيوية والتي تعبر عن حياة موزارت المليئة بالضغط والأعمال، ثم مقطوعة ايجور سترافنسكي "جناح بولشينالا" والمبنية على سكيتشات من موسيقى الباروك والمأخوذة من قصة الدمية الخشبية ايطالية المنشأ "مستر بنش" المعروف بكونه لئيماً وعنيفاً وماكراً.

أعضاء الأوركسترا عرب مغتربون أعربوا عن فرحتهم لزيارة فلسطين

وحول تجربة الاوركسترا قال العازف السوري على الترمبيت راني الياس الذي يزور فلسطين للمرة الأولى، انها تجربة لا تنسى حيث تحقق الحلم الذي كان مستحيلاً فدخل فلسطين التي كان ينتمي لها فكرا وقضية عن بعد، ليراها عن قرب ويعيش مأساة الحدود والمعابر ويرى معالم الاحتلال البغيضة، لكنه رآها أخيراً متمنياً لو كانت الزيارة أطول ليزور مدينتي بيت لحم والقدس اللتان لطالما حلم برؤيتهما..

كما أشار المدير الفني للأوركسترا في المعهد ميكالي كانتوني بأن الأوركسترا هي أصدق تعبير على حلم الدولة المستقبلية التي تجمع الفلسطينيين من الوطن والشتات، وهي اثبات ان الشعب الفلسطيني قادر على مضاهاة الغرب

وقد تألفت الاوركسترا الوطنية لهذا العام من عازفين فلسطينيين محترفين ينتسبون أو انتسبوا في الماضي لأحد الأوركسترات والمعاهد العالمية التالية: الأوركسترا الوطنية اللبنانية، أوركسترا لوس انجلوس لموسيقى الصالة، أوركسترا سان أنطونيو، أوركسترا ساراسوتا، أوركسترا لندن للأكاديمية الملكية، معهد باريس الموسيقي، أوركسترا عمان-الأردن، أوركسترا سوريا الوطنية، أوركسترا إذاعة الأراضي المنخفضة، أوركسترا القاهرة، جامعة كاليفورنيا الجنوبية، الاوركسترا الاسبانية للشباب، اوركسترا فرجينيا، اوركسترا فلسطين للشباب، اوركسترا الباسو، اوركسترا إذاعة بفاريا واوركسترا العالم الجديد.

المعهد الوطني للموسيقى يطلق مسابقة فلسطين الوطنية للموسيقى

كما أطلق المعهد الوطني للموسيقى صباح الجمعة مسابقة فلسطين الوطنية للموسيقى، حيث يتنافس المتسابقون من القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني والجولان وغزة ضمن أربع فئات هي العزف الفردي، الجماعي، الغناء والتلحين وذلك في مدينتي القدس ورام الله وعبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، حيث تستمر المسابقة منذ الـ 16 من آذار وحتى الحفل النهائي لحين توزيع الجوائز مساء الـ11 من نيسان المزمع تنظيمه في قصر رام الله الثقافي.

وعلى صعيد آخر، ستنظم المسابقة في معظم أيامها في قاعة مراكش في مركز يبوس الثقافي في القدس، عدا فئتي العزف الجماعي والغناء اللذين سينظما في قاعة المعهد في رام الله، بينما سيكون المجال مفتوحاً للمشاركة عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة لسكان غزة وممن لا يستطيعون دخول القدس. وسيشارك في المسابقة لجنة حكم من دول العالم والوطن ستكون حيادية ومستقلة. وقد كان جديد المسابقة هذا العام قسم العزف الجماعي ليتسنى للموسيقيين الشباب عبر التنافس ضمن فرق موسيقية من كل الأنواع، وذلك من أجل تحفيز وتشجيع إنشاء الفرق الموسيقية الشبابية، وستفتح مسابقة مارسيل خليفة للمؤلف الشاب الباب أمام المشاركات الفلسطينية في الوطن والشتات كما جرى قبل عامين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com