المرحوم موسى حوراني (59 عامًا) من قرية دير حنا تعرّض في أول شهر أيلول إلى حادث سقوط أدى إلى وفاته بعد ثلاثة أيام من الحادث، فقد رحل بعد أن أصيب بنزيف حاد في دماغه ولم يمهله طويلا ليضطر الأطباء الإعلان عن وفاة دماغية، رحل عن الدنيا لكنّه أنقذ حياة خمسة أشخاص، أربعة من اليهود وعائلة من الطيبة، لتبرعه بأعضائه لمركز زرع الأعضاء القطري.
عُرف عنه إنسانا أحب الخير وآمن بالعطاء والتكافل الاجتماعي، ويرغب دون تردد في مساعدة الناس، هكذا كان في حياته، وأيضا في مماته، وخلّف وراءه ثلاث بنات تعلمّن الكثير منه أكبرهّن 24 سنة تخرجت من جامعة تل ابيب في مجال معالجة مشاكل النطق والسمع، الثانية تتعلم في التخنيون سنة ثانية في هندسة صناعة وإدارة والثالثة في الصف الثاني عشر.
لم نمانع كعائلة التبرّع لإنقاذ الأرواح
مراسلنا التقى مع نبيل حوراني، وهو شقيق المرحوم موسى، فيقول أن المرحوم بقي حيّا على الأجهزة، ولم تعد أي احتمالات لبقائه حيا، فعرض على العائلة من مركز زراعة الأعضاء القطري التبرع بأعضائه من أجل إنقاذ أروح غيره، فلم تتردد العائلة، مضيفا: " تجاوبنا مع هذا الطلب ولم نمانع ودون أية تحفظات أو شروط من قبل جميع أفراد العائلة، تم استشارة إخوتي وأخواتي وبناته وزوجته الثاكل ورأينا بأهمية مساعدة العائلات المحتاجة لهذه الأعضاء لإخراج عائلات بأكملها من دائرة المرض وعلاجاته، ورأينا بهذا العمل هو عمل إنسانيّ ويندرج ضمن التكافل الاجتماعي".
ويقول انه علم بأن أعضاء المرحوم أنقذت خمسة أرواح والذين تلقوا قلب، رئتين، كليتين، كبد وقرنيتين، مشيرا إلى أن العائلة عند سماعها هذا النبأ شعرت بتعزية كبيرة بتحويل الفاجعة التي أصابت العائلة إلى عمل خيّر بكل ما في الكلمة من معنى ويخدم المجتمع والإنسانية جمعاء.
وعن اتخاذ القرار من قبل العائلة للتبرع قال ان قرار التبرع بالأعضاء كان صعبا من ناحية عاطفية لكن من ناحية عقلانية ومنطقية لم تكن اية مشاكل، مضيفا: " زارتنا عائلة احد الذين تلقوا عضو من المرحوم من مدينة الطيبة وعزّتنا في مصابنا الأليم فشعرنا معنى مساعدة عائلة أخرى من خلال التبرع، فقد أخرجنا عائلة بأكملها من دائرة المرض ومعالجته الدائمة مثل الفشل الكلوي وغيره ونحن اليوم نفتخر ونعتز بما قمنا به وما من فضيلة أكبر من هذه التي تصب في ذكرى المرحوم الطيبة فقد قيل يذكر المتوفى بذكره المبارك واعتقد أنه بهذا العمل حققنا المقولة".
عمل إنساني لم يميّز في الدين أو القومية
وأشار إلى أن العائلة لم تكن لديها اية شروط للتبرع أو لمتلقي الأعضاء التي تم التبرع فيها، ولم يكن تمييز على أساس ديني أو طائفي، أو حتى قومي، مضيفا: " لم نميز بين عربي أو يهودي، بين مسلم أو مسيحي، بل من منطلق العمل الإنساني والتكافل الاجتماعي العام، فأنا أعرف الكثير ممن تلقّوا الأعضاء من غير ملّتهم او قوميتهم، أصلا هكذا كان المرحوم لم يفرّق أو يميّز بين إنسان وآخر، وهكذا تربينا في عائلة محافظة لكن غير متزمّت دينيا ونعتبر الإنسان هو أخ الإنسان في إنسانيته".
وأخيرا وجه رسالة الى المجتمع قائلا: "ندعو جميع الناس ان تحذو حذونا والتبرع بالأعضاء لما فيه من عمل إنساني وإنقاذ للأرواح والفعل الخير للناس والمرضى الذين يعانون في المستشفيات، فكل من يدخلها يرى الألم والمعاناة، يرى العائلات التي تضحي وتمسي أمام الأسرّة تنتظر رحمة من عند الله لشفاء المريض، ولربما تنتظر بعضو يخلّص المريض من هذا المرض، ومن هنا فإننا ندعو الناس بالتبرع بالأعضاء".
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق