عندما نصادف أو نلتقي برجل أو امرأة بدينين عادة ننفر منهم، أو نستهزئ بهم، وفي الكثير من الأحيان نشعر بالشفقة تجاههم، ونقول لأنفسنا أنظروا ما أجملها، ولكنها مسكينة، لأنها سمينة جدًا. خسارة!

وقد ينظر الكثير إلى السمنة على أنها أمر بسيط، وقد ينظر البعض على أنها مجرد منظر غير مقبول أو تشويه لجمال أجسادنا، وقد يفطن القليل إلى خطورتها ومع ذلك يقفوا مكتوفي الأيدي غير قادرين على إيقافها. كما أن الذين يعانون من السمنة لا يكترثون للمساوئ التي ترافق السمنة التي تهدد حياة الكثير منهم.

السمنة الزائدة هي مرض مزمن يعرض حياتنا للخطر، وهي تسمى وباء القرن الـ 21.

أن العالم شهد تحولا إذ أصبح عدد من يعانون السمنة أكثر ممن يواجهون المجاعة. انتشار السمنة في العالم أوسع من انتشار سوء التغذية، هناك أكثر من مليار شخص يعانون الوزن الزائد فيما هناك 800 مليون يعانون سوء التغذية.

هل تعلمون بأن السمنة في الولايات المتحدة تعد المسبب الثاني للوفاة، بعد التدخين ؟

السمنة الزائدة أصبحت من أكثر الظواهر المرضية المنتشرة حاليا في جميع أنحاء العالم. يقدر أن هنالك ما يقارب 300 مليون شخص يعانون من السمنة الزائدة (Obesity) في أرجاء العالم، وأن نحو 40 مليون شخص يعانون من السمنة الزائدة المرضية (Morbid Obesity). يموت في الولايات المتحدة لوحدها ما يقارب 300,000 نسمة جراء السمنة الزائدة المرضية ومضاعفاتها.

تشير تقارير معهد القومي للصحة في الولايات المتحدة (NIH) بأن السمنة الزائدة وصلت إلى حد الوباء: حيث أنة يعاني ما يقارب 60% من سكانها من السمنة الزائدة. الوضع في البلاد لا يختلف كثيرا عن ذلك، حوالي 50% من السكان في بلادنا يعانون من السمنة الزائدة وحوالي 250،000 شخص يعانون من السمنة الزائدة المرضية.

وضع السمنة الزائدة في البلاد:

حسب معطيات وزارة الصحة في إسرائيل: واحد من كل حوالي 20 إسرائيلي يعاني من السمنة الزائدة المرضية. وفقاً لنتائج بحث أجري مؤخرًا في مركز مراقبة الأمراض في وزارة الصحة يتضح أن ما يقارب 3.8% من النساء والرجال في إسرائيل بين سن ال35 – 64 يعانون من - BMI (مؤشر كتلة الجسم) يتراوح ما بين ال 35 - 39.9. ويعاني 1.4% من BMI يزيد عن 40، هذا يعني أن 5.2% من الأشخاص في البلاد يحتاجون إلى حلّ جراحي .

إذا ألقينا نظرة على الوسط العربي، مقارنة بالوسط اليهودي، نجد أن نسبة البدينين في الوسط العربي أعلى مما هي عليه في الوسط اليهودي، حيث يعاني 2.9% من الرجال العرب في سن 35 – 64 من BMI يتراوح ما بين 35 – 39.5، أما الوضع لدى النساء العربيات فهو أصعب، إذ تعاني 13.1% من النساء العربيات في سن 35 - 64 من BMI يتراوح ما بين 35 – 39.9، ومقابل ذلك تعاني 8.2% فقط من النساء اليهوديات من نفس الجيل من مرض السمنة الزائدة.

تدل هذه المعطيات على القلق، وكما نعرف اليوم فإن السمنة الزائدة هي عامل مسبب لأمراض مرافقة أخرى تشكل خطراً على الحياة، لذلك فمن المهم أن نعرف بعض الحقائق:

ما هي السمنة الزائدة؟

تقاس السمنة اليوم بمقياس الكتلة وهو ناتج قسمة وزن الجسم بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر المربع (BMI=Body Mass Index). يعتبر الشخص الذي يزيد لديه ال BMI عن 25 أنه يعاني من السمنة الزائدة؛ وال BMI الذي يصل إلى 35 فما فوق كسمنة زائدة مرضية: بينما يعتبر الBMI الذي يصل إلى 50 وأكثر سمنة زائدة مرضية متطرفة.

أسباب السمنة الزائدة: للسمنة أسباب كثيرة، وهي: عوامل وراثية، هورمونية، بيئية ونفسية. وتبيّن أن للعوامل الوراثية لدى الإنسان تأثيرًا ملموسًا على ميله لتكديس الكيلوغرامات الزائدة. وتؤثر الهورمونات المختلفة على ضبط آليات الجوع والشبع بأشكال مختلفة: للبيئة تأثير على تطوير وتبني أنماط غذائية ونشاط جسدي. كذلك فإن لهذا المرض جوانب نفسية، مثلاً التعويض من خلال الأكل عن الأحاسيس السلبية مثل الملل، الغضب أو العصبية، كما وأن هنالك أمراض تتعلق بالغدد الصماء والغدد الأخرى التي تؤثر على الوزن وتسبب تطور مرض السمنة الزائدة.

الأمراض المرتبطة بالسمنة الزائدة: في غالبية الأحيان الأشخاص ذوي الوزن الزائد لا ينسبون مشاكلهم الصحية إلى السمنة، ولكن أثبت أن السمنة الزائدة هي عامل خطر للصحة ومصدر لتطور العديد من الأمراض المرافقة، مثل: السرطان على أنواعه، السكري، ضغط الدم المرتفع، قصور عمل القلب، قصور عمل الكليتين، قصور في مسالك المرارة، الكولسترول الزائد، التهاب المفاصل، مشاكل في العظام، العقم، توقف التنفس خلال النوم وغير ذلك. كما وتبيّن أيضًا في الأبحاث أن معظم مشاكل الأشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة المرضية تزول في معظم الحالات بعد النزول في الوزن.

التأثيرات النفسية نتيجة للسمنة الزائدة: من الناحية النفسية، من الممكن ان تسبب السمنة الزائدة المرضية الاكتئاب، الامتناع عن العلاقات الاجتماعية، العلاقات الزوجية والعلاقات الحميمة.

لا يتسامح المجتمع مع البدينين، وبما أنه لا يتعامل ولا يرى هذه المشكلة كمرض، فالتعامل مع البدينين يكون قاسي جدًا. ويعاني الأشخاص الذين يشكون من السمنة من الآراء المسبقة، فالمجتمع يعرفهم على سبيل المثال: كأشخاص من دون دافع، ذوي شخصية ضعيفة، يفتقدون السيطرة الذاتية، قبيحين وكسالى.

الحلول المتوفرة اليوم للأشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة: طرق الوقاية من السمنة والمحافظة على الوزن المناسب تعتمد على عنصرين أساسين وهما الحركة والنشاط والتوازن الغذائي. تطبيق برنامج غذائي متوازن, مزاولة التمارين الرياضية مثل المشي أو السباحة, كما أن الاستقرار الفكري والاطمئنان النفسي كلها تفيد من الوقاية من السمنة.الحمية هي وسيلة محدودة للأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد المرضي. ووفقًا لمعطيات منظمة الصحة العالمية فإن 94% من الأشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة المرضية غير قادرين على الحد من وزنهم الزائد والحفاظ على الوزن الجديد لفترة طويلة بواسطة العلاجات التقليدية مثل الحمية والأدوية الحمية، والنشاط الجسدي. جميع الأبحاث حول إنقاص الوزن أو الوقاية من البدانة تؤكد على أن الحل الأمثل والعلاج الأكثر فعالية لعلاج السمنة المرضية هو العلاج الجراحي.

إن الجراحة اختيار واقعي مثل اختيار العقاقير للعلاج، وعليه فمن المستغرب أن يتخوف بعض الأطباء والمرضى من اختيارها على الرغم من كونها الحل الأمثل للكثير من الحالات. العلاج الجراحي، حتى لو كان مكروها، لكنه سبب لتفادي مضاعفات السمنة المرضية الناجمة عن إجهاد أجهزة الجسم ومن مشاكل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري، والأورام الخبيثة (السرطان).

أكدت الدراسات على أن مضاعفات السمنة وخطر عدم علاجها بالتدخل الجراحي اكبر من المضاعفات التي قد تتبع إجراءها.

في مجتمعنا العربي لا نذهب إلي الطبيب إلا إذا شعرنا بالألم ، فالسمنة تستفحل بنا إلي حد تسوء معه الحالة الصحية, هذه الفكرة مغلوطة جداً ويجب أن نلغيها من قاموسنا الحياتي.

إن السمنة هي بيت الداء وأصحابها يقعون فريسة لها ، وعندما يشكون من ارتفاع الضغط أو زيادة نسبة السكر في الدم أو البول أو دهون الكبد أو العقم والضعف الجنسي أو تغيرات مرضية أخري ... عندها يتوجهون إلي الطبيب وهم يقولون أسعفنا، فماذا بوسعه أن يفعل!!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com